آخر الأخبار

مطهر الإرياني والوعل .. تزييف الوعي إلى متى….. ياقومنا؟!

بقلم | د. أحمد الدغشي

بداية لولا هذا الهوس الغريب الذي يحتفي به من يحلو لهم تسمية أنفسهم بـ(الأقيال)، لإحياء مايسمونه بيوم (الوعل)، وكأنه موسم الحج الأكبر عند خلّص الأولياء من العُبَّاد، ولولا مكابرتهم المخجلة المرّة بعد الأخرى -بمن في ذلك من يزعم البحث والمعرفة منهم- يشايعهم بعض من ينتسب إلى علوم الشريعة- بكل أسف- في كون الاحتفاء به لايخرج – في الأصل- عن المدلول الديني الصرف، لولا ذلك؛ ما كلّفت نفسي الرجوع لما أوضحته في كتاب ( ظاهرة القومية اليمنية – أقيال) بالدلائل البيّنة (ص٦٤-٧٢)، ورددت على التسطيح المعيب للموضوع من قبل بعضهم، ولا سيما في أول ندوة عقدت لمناقشة بعض مضامين الكتاب. أوضحت ذلك استناداً إلى بعض كبار مؤرّخي اليمن في القديم والحديث، وبعض كبار علماء العالم العربي وأساتذة التاريخ القديم وعلماء الآثار ودراسة النقوش.

وقد هالني -حقيقة -ترديد عدد من هؤلاء الممارين -المرّة بعد الأخرى- بشكل دوغمائي لافت؛ أنني لم أرجع في كتابي المشار إليه، إلى مؤرّخي الأقيال المعتمدين عندهم، لاسواهم، ليمنحوني التزكية والإجازة والمباركة والتسويق، وأجمعوا أن الأستاذ الشاعر الأديب مطهر الإرياني -بالخصوص- كان الأوجب في الرجوع لبعض ما كتب بهذا الشأن، للاستناد على حقيقة الأقيال وما يُنسب إليهم، بدل الاعتماد على فلان وفلان من خارج إطارهم، خاصة من المؤرّخين والباحثين من غير اليمنيين! منكِرين أيّة علاقة بين معبودات اليمنيين القدماء( عثتر- إلمقه- الموقاه- ذات حميم) ورمز الوعل بالخصوص، وكونه يشير إلى ما يسمّونه (الإله عثتر): إله المطر والصواعق والإخصاب. وعبثا تحاول إقناعهم أن إيراد رأي الإرياني أو سواه ممن يقدّس الأقيال آراءهم، ؛لا يزيد في القيمة العلمية للبحث ولا ينقص- بمنطق البحث العلمي ومنهجيته- لأن العبرة بما يُقال، لا بمن يقول أولاً، ولأن رأيه لايخرج- في جوهره- عن آراء من أوردت خلاصة دراساتهم ثانياً، إذ كثير من هذه الدراسات والمصادر هي مصادر الإرياني وغيره، ولكن أما وأنهم في غيّهم مصرّون، وفي زهوهم وتزييفهم للوعي ماضون، بلا رويّة ولا مراجعة، فلابأس من كشف مدى الاستهانة بوعي القرّاء، ومدى التضليل في نسبة بعض الأفكار والآراء إلى مطهر الإرياني بالخصوص، على حين أنه لا يخرج عن جوهر ما أوردتُه عن المصادر القديمة والحديثة – كما ذكرت- .

وقد أحسن بعض الشباب المبرّزين من طلبة العلم الشرعي، إذ ذكّرهم بهذا من قبل، وها أنا ذا أورد النصّ أمام الباحثين والقرّاء والمهتمين، لنرى ما موقفهم بعد أن يطّلعوا على رأي الأستاذ الإرياني، بهذا الخصوص، على هذا النحو من الصراحة والوضوح والمباشرة.

هل سيعتذرون للعبد الفقير وللإرياني معاً؟ أم سيضطرون لإنكار نسبة ذلك إلى الإرياني؟!

أم سيعتسفون في تأويل نصّ الإرياني القطعي الصريح؟

أم سيُصبح الرجل متهماً- بأثر رجعي- بالضعف والجُبن ومشايعة أعداء الأقيال وتشويه معتقداتهم؟!

والآن هاكم ماذكره الأستاذ الإرياني في مادة (الوعل) في (الموسوعة اليمنية)، كما ورد بنصّه، والتعليق متروك لكم:

“الوعل (ج) أوعال ووعول، ويقال له الأرْوي (ج) أرْويَّة وأنثاه؛ أرْوِية أيضاً، و(ج- القلّة): أراوِي، و(ج – الكثرة) أرْوَى وهو اسم جمع على غير قياس. ويعرف بـ (ibex).

والوعل، هو: تيس الجبل، او الحيوان البرّي المعروف والمشهور بتأبّده في الجبال وتسنّمه لعوالي القمم، بل لأكثر شناخيبها علواً وحدّة، حتى سميت الأوعال بالعٌصْم، لاعتصامها في الشواهق.

*وللوعل في حياة اليمنيين القدماء ودياناتهم مكانه، ولها في نقوشهم ذكر* وذلك لثلاثة أسباب:

*أولها* : انه منذ العصر السبئي المبكِّرتأسس طقس ديني هو الصيد المقدس، وخاصة *(صيد عثتر إله الخصب والمطر* ) *الذي كانت تقام له شعائر موسمية، يتصدرها المُكِّرب، أو الملك السبئي وكبار القوم، وكان الوعل هو قوام هذا الطقس* .

*ثانيها* : *أن اليمنيين القدماء اتخذوا من الوعل – وخاصة الفحل قائد القطيع- رمزاً يجسد الإله عثتر وإله المطر والخصب والإخصاب، وكان عثتر إلهاً عاماً لجميع اليمنيين* ، وليس له خصوصية، ولهذا كا *ن *له معابد في جميع أنحاء البلاد، وكانوا يتقربون إليه في هذه المعابد بأصنام كثيرة على شكل الوعل* ، *كما تعتبر اللوحات المنحوتة بزخارف أشكال الوعول من أبرز ما عثر عليه في المعابد، من عناصر زخرفية، وخير مثال على ذلك معبد برّان** .

*وثالثها* : الكثرة العظيمة التي كانت لقطعان الأوعال في جميع أنحاء اليمن، وخاصة في المشارق والمرابع الأولى للحضارات اليمنية القديمة. وللتدليل على ذلك يذكر نقش مسندي واحد أن صاحبه وهو ( شريح-شرحم- أيمن الهمداني) صاد (مع أعوانه ) ثلاثة آلاف وعل من جبال صَولان في منطقة مرهبة من بكيل، ولهذا فإن *الصيد التجاري كان قائماً بجانب الصيد الديني* “(مطهر علي الإرياني، الموسوعة اليمنية، 1423هـ-2003م، الطبعة الثانية، صنعاء: مؤسسة العفيف، ج4،ص 3168-3169).

مرّة أخرى: التعليق لكم أصدقائي.

مشاركة المقال