آخر الأخبار

في رحيل الزنداني .. الأكاديمي والوزير المحب لوطنه

بقلم | محمد مصطفى العمراني

الملتقى اليمني

في مثل هذا اليوم قبل عامين توفي أحد أعلام اليمن الكبار ، الذين بذلوا الكثير من الجهود في خمة اليمن ، إنه الأستاذ الدكتور عبد الواحد عزيز الزنداني ـ رحمة الله تغشاه ـ هذا الرجل الذي أبتعد كثيرا عن السياسية ومكايداتها وركز جهوده على الجانب التعليمي فشهدت جامعة صنعاء أثناء رئاسته لها أزهى عصورها ، وهو ما شهد له به الجميع ، حتى أن الأديبة والوزيرة السابقة أروى عبده عثمان قالت في إحدى مقابلاتها الصحفية ” إن جامعة صنعاء في عهد الدكتور عبد الواحد الزنداني كانت من أرقى الجامعات العربية ” …
كما عمل أثناء توليه وزارة التربية والتعليم على تطوير المناهج التعليمية والإرتقاء بمستوى التعليم باليمن حتى شهد التعليم في عهده طفرة كبيرة بشهادة الجميع .

عاش حياة ثرية وعاصر الكثير من الأحداث وكان شاهداً عليها ومشاركا فيها ، وكم كنت أتمنى أن يكتب مذكراته أو شهادته على الأحداث ، لكنه لم يفعل وهذا هو نهج الكثير من الشخصيات اليمنية التي لا ترى في كتابة مذكراتها أولوية .!

من القصص التي لم تنشر والتي رواها لي أحد إخوانه أن الرئيس السابق علي عبد الله صالح قرر طباعة فئة جديدة من العملة اليمنية دون غطاء ، وأرسل إليه يطلب مثوله بين يديه ليستشيره بالأمر ، كان الدكتور عبد الواحد قد علم بالأمر ولكنه تعامل مع الرئيس وكأنه لا يعلم بما يريد منه ، وبدأ يحدث الرئيس عن أسباب انهيار اقتصاد الصومال والذي سبق الحرب الأهلية في الصومال ، وكيف أن الرئيس الصومالي حينها زياد بري بدأ بطباعة العملة الصومالية دون غطاء ، لقد حدث هذا مرة تلو أخرى حيث صاح به خبير دولي :
ـ استوب يا حمار
وكانت النتيجة أن طباعة عملة بدون غطاء من أبرز أسباب أنهيار اقتصاد الصومال حينها .
وحينها أحجم الرئيس السابق عن طباعة عملة جديدة دون غطاء وفهم مقصوده .

ومن ذكرياتي معه أنني كنت أدير تحرير صحيفة ” صوت الإيمان ” وكان دار القلم التي يمتلكه الدكتور عبد الواحد يتولى نشر وتوزيع الصحيفة ، ولم أكن حينها أعرفه وصورته لا تظهر في الإعلام كثيرا ، وكنت أتشاجر مع مدير الدار بسبب بعض القصور في توزيع الصحيفة وجاء الدكتور عبد الواحد وعندها سكت مدير الدار وبقيت أنا أتحدث فقال للموظفين :
ـ من هذا ؟
فأخبروه عني ..
فقال :
ـ يا بني إذا كنت غير راضي عن مستوى توزيع الصحيفة هنا فخذ صحيفتك ووزعها في أي دار نشر أخرى ..
نظرت نحوه فوجدت رجلا طويلا يلبس بنطالا فتعجبت من قوله وهممت أن أصرخ في وجهه قائلاً :
ـ أنت ما دخلك ؟
لكني سكت ، ولما غادر سألت الأخ نصير الوجيه وكان يومها مديرا للدار :
ـ ما دخل هذا الشخص فيما بيننا ؟!
ـ ولماذا يتدخل فيما لا يعنيه ؟!
فضحك وقال لي :
ـ ألم تعرفه ؟!
هذا الدكتور عبد الواحد الزنداني صاحب دار القلم .
فحمدت الله أنني سكت ولم أرد عليه بكلمة .
لقد كانت حياته حافلة بخدمة وطنة بأمانة ونزاهة طوال مسيرة أمتدت لأكثر من أربعين عاما حيث تخرجت على يديه أجيال من رجال الدولة اليمنية.
كان الدكتور عبد الواحد الزنداني من أبرز أساتذة القانون الدولي باليمن ، وله العديد من الدراسات والبحوث في قوانين البحار والمنظمات الدولية ، وقد عمل عضوا في اللجنة اليمنية لترسيم الحدود مع السعودية ، وكذلك ترسيم الحدود مع سلطنة عمان ، كما كان أحد ممثلي اليمن أمام هيئة التحكيم الدولية في النزاع اليمني الإريتري حول جزيرة حنيش وقد لخص ترحبته تلك في كتابه ” النزاع الإرتيري اليمني من المواجهة إلى التحكيم ” .
كما كان الدكتور عبد الواحد الزنداني عضو لجنة الخبراء القانونيين للجامعة العربية لتطوير منظومة المشتركة.
ومن أبرز كتبه ” السير والقانون الدولي ” وهو ما يزال مقررا على طلاب بعض الجامعات اليمنية ، كما له كتب أخرى حول المنظمات الدولة والتحكيم وغيرها .
رحمة الله تغشى الدكتور عبد الواحد الزنداني ما غرد طيرا أو طار وما تعاقب الليل والنهار .

مشاركة المقال