المجالس العائلية العشرة لوقاية أبنائنا من الإلحاد والشكوك العقدية
مقدمة
لا يعني أن المجالس «عشرة» أنها بالفعل عشرة مجالس فقط، بل الأحرى أن نقول إنها عشرة مفاهيم ومداخل كبرى ضرورية لا يمكن تجاوزها في التربية العقدية، وربما احتاج الموضوع أو المدخل الواحد عدة مجالس، كيف لا والتربية العقدية للصحابة الكرام استمرت في المرحلة المكية ثلاثة عشر عاما، ولم تتوقف تلك التربية العقدية في المرحلة المدنية بعد ذلك.
سيظل المسلم في حاجة إلى مراجعة تلك المفاهيم وتثبيتها في قلبه وتنميتها في نفسه وفي نفوس ذويه حتى لقاء ربه.
المجلس الأول: التعريف بالله تعالى.
من الأسئلة المبكرة جدا التي يسأل عنها الأولاد آباءهم، السؤال عن الله تعالى، من قبيل: من خلقنا؟ وأين الله؟ وكيف يرانا الله؟ ولماذا نحن هنا في الحياة؟ وماذا بعد الموت؟
أسئلة بالنسبة لنا كآباء وأمهات واضحة وبسيطة، لكنها عميقة جدا لأنها الأسئلة الكبرى في هذا الوجود.
والسؤال الأول:
كأن معنى مستقر في نفوس الناس هو: بما أننا موجودون فلابد لنا من موجد، فنحن لم نوجِد أنفسنا، ولم نوجَد بلا موجود، قال تعالى: {أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون}. فتنطق الفطرة من خلقنا. ويجيب القرآن حتى يذهب حيرتنا {والله خلقكم وما تعملون}
والسؤال الثاني:
سؤال طبيعي بعدما ثبت أن الخالق هو الله العظيم الذي نشعر بوجوده شعورا فطريا لا يمكن تكذيبه، وهنا لابد أن نعلم أن الله غيب، ولذلك هو وحده الذي ينبغي أن يحدثنا عن ذاته وكذلك رسوله ﷺ، وقد أخبرنا بالفعل أنه علا على خلقه، وأنه استوى على عرشه، ولقصور عقولنا كمخلوقين لا يمكننا الإحاطة به سبحانه.
وسؤال لماذا نحن هنا في هذه الحياة؟ فالجواب بين احتمالين إما أننا موجودون بلا غاية وهذا عبث يرفضه العقلاء، وإما أننا موجودون لغاية، وهذا هو الحق، والغاية يحددها من أوجدنا ولسنا نحن الذين نحددها، وقد حدد لنا الغاية {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}.
وأما سؤال المصير وما بعد الموت: فالعقل يقضي بوجود حساب لأنه لابد من سؤال عن نتيجة الغاية التي تقررت في جواب السؤال السابق هل حققناها أم لا؟ ويترتب على الجواب الجزاء في الآخرة. إذ من غير المعقول استواء المسيء مع المحسن.
كيف نُعرِّف بالله تعالى؟
معلوم أن للإيمان أصولا وأركانا هي: (الإيمان بالله وملائكته ورسله وكتبه واليوم الآخر والقدر خيره وشره)، وأصل هذه الأصول هو الإيمان بالله تعالى.
فكيف نعِّرف بالله؟ وما المفاهيم المتعلقة بذلك؟
نعرف بالله تعالى من خلال الحديث عن
1- وجوده ووحدانيته أولا، حيث لا يعقل وجود هذا الكون المتقن بلا خالق. (وستجد خمسة أدلة كبرى على وجود الله في خاتمة المقال).
2- وبربوبيته (كونه خالقا رازقا مدبرا سيدا متصرفا في هذا الكون) وبألوهيته (يعني كونه الإله الحق المستحق وحده للعبادة) والإيمان بحاكميته (يعني كونه وحده المستحق للتشريع والحكم في خلقه بشريعته).
3- نعرفه من خلال الإيمان بأسمائه وصفاته.
أما وجود الله فأمر ثابت بكل أنواع الأدلة:
(الأدلة العقلية – الأدلة المادية الحسية التي نراها في الكون ونحسها في أنفسنا- الأدلة الشرعية الكثيرة في القرآن والسنة – الأدلة العلمية التجريبية التي ينطق بها العلم الصحيح).
ماذا لو لم يكن هناك إله؟
هذا سؤال خطأ أصلا لأن معناه أننا لن نكون حينئذ موجودين، ولن يكون هناك وجود أصلا، ولن يكون مثل هذا السؤال.
أدلة تؤكد بيقين وجود الله تعالى:
دليل الخلق والإيجاد أو دليل الاختراع: وهو أن وجود هذه الكون بما فيه دليل وبرهان على وجود خالقه، ويتأكد ذلك أنه لا أحد مطلقا ادعى أنه صانعه وخالقه سوى الله تعالى، فتثبت له دعواه {الله خالق كل شيء}.
دلِيل النظام والإتقان والتقدير فنحن نرى كل شيء في غاية الدقة والإتقان والضبط الدقيق فلا خلل في بناء الكون {إنا كل شيء خلقناه بقدر} {الذي أحسن كل شيء خلقه} {وخلق كل شيء فقدره تقديرا}.
دليل العناية والغاية
فنحن نرى الكون معدا بعناية بالغة لمعيشة الإنسان، ففيه الهواء والماء والطعام والفواكه والمركوبات وكل شيء صالح لحياة الإنسان واحتياجاته، وهذا يدل أنه لم يخلق عبثا {سخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه}.
ويلي ذلك دليل التسخير وهو أن كل هذه المخلوقات مسخرة للإنسان، فانظر إلى الجمل على ضخامته يسحبه طفل صغير، وهكذا والإنسان مسخر لربه عبد له.
دليل التخصيص:
يعني اختص الله تعالى الأرض وسماءها لتكون على هذه الهيئة وكان يمكن أن تكون على هيئة أخرى، كالأجرام والأفلاك والكواكب الأخرى لكن الله سبحانه خصص هذه الأرض على هذه الهيئة دون غير ولا تخصيص بلا مخصص.
دليل الواقع الشعوري
وهو أنك تدعو الله فيستجيب لك، وتعتمد عليه فيكون معك، ولا أحد سواه ينفعك وهذا أمر ملموس.
كل هذه الأدلة دالة على أمرين: (وجود إله عظيم خالق – وأنه لا يمكن أن يخلق هذا الخلق كله عبثا)
ماذا لو أنكر الناس وجود الإله؟
لعاشوا بلا غاية فتكون حياتهم عدمية عبثية تعيسة، لا معنى لها ولا قيمة وهذه إهانة لقيمة الإنسان حيث يستوي حينئذ وسائر الحيوانات.
➖لأصبح كل شيء مباحا ولفعل كل إنسان ما يريد بلا ضابط ولا حدود وهذا منتهى الإفساد في الأرض “ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن”.
مصادر لتحضير هذا الموضوع:
➖كتاب الله جل جلاله للأستاذ سعيد حوى.
➖لا إله إلا الله – أدلة وجود الله وأول المخلوقات الدكتور/ علي الصلابي
أدلة وجود الله تعالى – لفضيلة الشيخ : عبدالله العجيري
البروفيسور جيفرى لانج يحكي قصة سبع آيات حولته من الإلحاد للإسلام – كيف بدأ الخلق؟
طريقة التناول:
المكان:
جلسات متنوعة ويفضل أن تكون في الطبيعة كحديقة أو أمام نهر أو في مزرعة أو مسجد، ولا مانع أن تكون في المنزل،
والطبيعة أفضل للنظر في آيات الله تعالى – وكذلك يمكن أن تكون على طعام بحيث ننظر نعم الله التي يسوقها إلينا وينوعها لنا.
طبيعة الحوار:
يمكن أن نبدأ بسؤال أو قراءة آيات التوحيد والخلق في القرآن الكريم ونذكر شيئا مما قاله المفسرون،
ثم نركز على كيفية تعميق هذه العقيدة، وما المشكلات التي يمكن أن تعترضنا والشكوك
التي يمكن أن ترد على ذهن المسلم وأهمية الاستعاذة والعودة إلى ما تقرر في هذه الجلسات.
لابد من النقاش والحوار المتبادل بعد الشرح والبيان التأصيلي التأسيسي.
يمكن استخدام مقاطع يوتيوب – أو بارو بوينت – جهاز عرض.
يستحسن الوضوء للجميع قبل الحديث لإدخال التعظيم في قلوبهم لله تعالى عند الحديث عنه سبحانه.
أستاذ مشارك في كلِّيتي الشريعة بقطر، وأصول الدين بالأزهر