كشف رئيس الوزراء الباكستاني السابق عمران خان، في مقابلة حصرية مع صحيفة “صاندي تايمز”البريطانية، هي الاولى منذ عزله في 10 نيسان/ أبريل الماضي ، عن أسرار في غاية الخطورة، حول الدور الامريكي الواضح والمباشر في إسقاطه، عبر عملية التصويت على الثقة، والتي انتهت بخسارته منصبه.
ان ما كشف عنه خان في هذه المقابلة، يجب ان يكون تحذيرا لكل الرؤساء والحكام، الذين يحاولون اتخاذ سياسة مستقلة، لانقاذ بلدانهم من التخلف والفقر والتبعية والفساد، فهناك دول كبرى، ترى في إبقاء بعض الدول، وخاصة العربية والاسلامية، في دائرة التخلف والفقر والفساد، مصلحة كبرى لها، لذلك تحارب كل زعيم عربي او اسلامي، يسعى لاخراج بلاده من تلك الدائرة.
في تلك المقابلة كشف خان عن أن السفير الباكستاني في واشنطن بعث له ببرقية دبلوماسية، قبل تحديد موعد التصويت بالثقة على حكومته، بشأن اللقاء الذي أجراه مع دونالد لو، المسؤول البارز بالخارجية الأميركية، حيث ورد في البرقية أن “لو” قال للسفير الباكستاني، إن بلاده ستواجه “عواقب” إن لم يعزل عمران خان.
وبشأن تفاصيل عزله، قال خان، انه وبعد انزعاج أمريكا من رفضه الانصياع لسياساتها وتنفيذ اوامرها، قامت بترتيب عملية تصويت لسحب الثقة عنه في البرلمان الباكستاني، وقدمت رشوة الى نواب حزبه، من اجل التخلي عنه والتصويت ضده، وكان معدل الرشوة مليون دولار!!.
من المؤكد ان هذه ليست المرة الاولى التي تتدخل فيها امريكا في الشأن الداخلي لباكستان وبهذ الشكل المكثف، فامريكا، ووفقا لما قاله عمران خان، ضغطت على جميع رؤساء باكستان طيلة 40 عاما الماضية، لتنفيذ جميع مطالبها، وتحدث عن تهديد ريتشارد أرميتاج، نائب وزير الخارجية في عهد الرئيس جورج بوش الابن، بقصف باكستان وإعادتها للعصر الحجري إذا لم تنضم للحرب على الإرهاب.
من بين الاسباب التي كانت وراء غضب امريكا على عمران خان، مثل الحرب على الارهاب ووطالبان وافغانستان، ذكر خان ان زيارته لموسكو ولقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، عشية اندلاع حرب روسيا على أوكرانيا،فهي كانت القشة التي قصمت ظهر البعير في علاقته مع واشنطن، رغم انه لم يكن يعلم أن بوتين سيرسل قوات روسيه لأوكرانيا، وانه اكتشف الأمر وهو في موسكو.
وحول هدف زيارته الى موسكو، قال خان، أن الجيش الباكستاني كان يريد شراء بعض المعدات العسكرية الروسية، إلى جانب أن الحكومة كانت تريد شراء القمح والنفط بأسعار مخفضة من روسيا.
يرى مؤيدو خان ان التحديات التي واجهتها حكومة خان، وفي مقدمتها الوضع الاقتصادي المتردي والفساد، لم تكن من صنع حكومة خان وحدها، بل هي ايضا نتيجة سياسات اقتصادية فاشلة، ونتيجة تفشي الفساد والمحسوبية، في مفاصل الدولة، وهي قضايا متراكمة منذ عقود طويلة.
اللافت ان البرلمان الباكستاني وبعد عزل خان، انتخب شهباز شريف، الشقيق الأصغر لنواز شريف الذي ترأس رئاسة الوزراء لثلاث مرات ويعيش اليوم بمنفى اختياري في لندن وحكم عليه بالسجن عشرة أعوام بتهم فساد. واللافت ايضا ن شهباز شريف نفسه،يواجه حاليا قضية غسيل أموال بقيمة77 مليون دولار، في بريطانيا، رفعتها عليه وكالة التحقيقات الفيدرالية الباكستانية.