آخر الأخبار

في رحاب يوم عرفة

الملتقى اليمني - د. أحمد ناجي

أولاً: يوم عرفة لحجاج بيت الله

يتوجه حجاج بيت الله إلى عرفة بعد طلوع الشمس من يوم عرفة وهو اليوم التاسع من ذي الحجة، ويصلون بها الظهر والعصر جمعًا وقصرًا جمع تقديم بأذان واحد وإقامتين، تأسيًا بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم أجمعين، ويبقون في عرفة إلى غروب الشمس، وعليهم أن يُشغلوا أنفسهم بالذكر والدعاء وتلاوة القرآن والتلبية حتى تغيب الشمس، ويشرع لهم الإكثار من قول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، وسبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله، فإذا غابت الشمس شرع للحجاج الانصراف إلى مزدلفة بسكينة ووقار مع الإكثار من التلبية، فإذا وصلوا مزدلفة صلوا المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين المغرب ثلاثًا والعشاء ركعتين.

ويوم عرفة هو يوم تتنزل الرحمات على الواقفين بعرفة، وهو يوم المغفرة، وهو يوم الحسرة للشياطين، عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “المغفرة تنزل على أهل عرفة مع الحركة الأولى، فإذا كانت الدفعة الأولى فعند ذلك يضع الشيطان التراب على رأسه يدعو بالويل والثبور”، قال: “فتجتمع إليه شياطينه فيقولون: ما لك؟ فيقول: قوم قد قتلتهم منذ ستين وسبعين سنة غفر لهم في طرفة عين”؛ يعني من يحضر من الحاج بعرفة، وعن طلحة بن عبيدالله بن كريز، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: “ما رؤي الشيطان يوماً هو فيه أصغر، ولا أدحر، ولا أحقر، ولا أغيظ منه يوم عرفة، وما ذاك إلا لما يرى من تنزل الرحمة، وتجاوز الله عن الذنوب العظام، إلا ما رأى من يوم بدر”، فقيل: وما رأى من يوم بدر؟ فقال: “أما إنه قد رأى جبريل عليه السلام وهو يزع الملائكة”.

من فضائل يوم عرفة

  • أنه يوم أكمل الله تعالى فيه الإسلام وأتم فيه النعمة:

ففي الصحيحين عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أن رجلاً من يهود قال له: يا أمير المؤمنين، آية في كتابكم تقرؤونها، لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيداً، قال أي آية؟ قال: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً) (المائدة: 3)، قال عمر: قد عرفنا ذلك اليوم والمكان الذي نزلت فيه على النبي صلى الله عليه وسلم، وهو قائم بعرفة يوم الجمعة.

  • أنه يوم عيد للمسلمين:

قال النبي صلى الله عليه وسلم: “يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام وهي أيام أكل وشرب” (رواه أهل السّنن)، وقد روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال في إجابته للرجل اليهودي: نزلت –أي آية (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ..)- في يوم الجمعة ويوم عرفة، وكلاهما بحمد الله لنا عيد.

  • أنه يوم أقسم الله به:

معلوم أن العظيم لا يقسم إلا بعظيم، فهو اليوم المشهود في قوله تعالى: (وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ) (البروج: 3)، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “اليوم الموعود: يوم القيامة، واليوم المشهود: يوم عرفة، والشاهد: يوم الجمعة..” (رواه الترمذي، وحسنه الألباني).

  • أن صيامه يكفر سنتين:

فقد ورد عن أبي قتادة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم عرفة فقال: “يكفر السنة الماضية والسنة القابلة” (رواه مسلم)، وهذا إنما يستحب لغير الحاج، أما الحاج فيستحب له الإفطار حتى يتقوى على الوقوف بعرفة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ترك صومه، وروي عنه أنه نهى عن صوم يوم عرفة بعرفة.

  • أخذ الله تعالى فيه الميثاق على ذرية آدم:

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله أخذ الميثاق من ظهر آدم بِنَعْمان- يعني عرفة- وأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها، فنثرهم بين يديه كالذّر، ثم كلمهم قِبَلاً، قال: (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ. أَوْ تَقُولُواْ إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ) (الأعراف: 172، 173) (رواه أحمد وصححه الألباني).

  • أنه يوم مغفرة الذنوب والعتق من النار والمباهاة:

عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء؟” (رواه مسلم في صحيحه)، وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إن الله تعالى يباهي ملائكته عشية عرفة بأهل عرفة، فيقول: انظروا إلى عبادي، أتوني شعثا غبراً” (رواه أحمد، وصححه الألباني).

ثانياً: يوم عرفة لغير حجاج بيت الله:

من نعم الله تعالى على المسلم غير الحاج في يوم عرفة أن صيام يوم عرفة يكفّر السنة الماضية والسنة القابلة، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

“صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ يَعْدِلُ سَنَةً وَالَّتِي تَلِيهَا، وَصَوْمُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ يَعْدِلُ سَنَةً” (أخرجه مسلم (1162)، وأبو داود (2425)).

أفضل الذكر في يوم عرفة

عن طلحة بن عبيد الله بن كريز، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: “أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة، وأفضل ما قلت: أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له” حسنه الألباني.

برنامج مقترح ليوم عرفة

1- نَمْ ليلة عرفة مبكراً لتتقوى على طاعة الله.

2- قم قبل الفجر لتتسحر وتنوي صيام يوم عرفة.

3- ثم صلِّ 4 ركعات على الأقل، وادعُ ربك وأنت ساجد بخير الدنيا والآخرة.

4- خصّص وقتاً للاستغفار حتى تكتب من المستغفرين بالأسحار.

5- صلِّ الفجر واجلس في مصلاك، وقل أذكار ما بعد الصلاة، ثم اقرأ مأثورات الصباح.

6- أمسك مصحفك واقرأ القرآن حتى شروق الشمس.

7- بعد شروق الشمس صلِّ الضحى لتكتب لك حجة وعمرة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.

8- نَمْ قليلاً، وانوِ في نومك عبادة لتتقوى على عبادتك سائر اليوم.

9- عند الاستيقاظ نوّع بين الطاعات حتى لا تمل، من ذِكر، تلاوة، وأكثر من لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير.

10 – صلِّ الظهر وكبِّر وسبِّح واقرأ شيئاً من القرآن.

11- صلِّ العصر وكبِّر، ثم اقرأ مأثورات المساء.

12- اقرأ القرآن إلى قبل المغرب بساعة تقريباً، ثم ابدأ الدعاء بخشوع، واذكر وقوفك أمام الله، ولا تنسَ المسلمين المستضعفين في كل مكان.

13- ادعُ الله ألا تغرب شمس عرفة إلا وأنت من عتقائه.

مشاركة المقال