البعض لديه مشكلة شديدة في فهم دور الرسول (أي رسول مرسل من الله) ومكانته، محاولا التمسك بما تظافرت عليه نصوص القرآن الكريم من إثبات الجانب البشري في شخصية الأنبياء، وهو جانب أكده القرآن دون شك، ويشمل البعد الذاتي والبعد الصفاتي، غير أن ذات القرآن الكريم يثبت للأنبياء جميعا، ولمحمد صلى الله عليه وسلم، اختصاصا، لا بد منه في ذواتهم وشخوصهم، صيانة لمقام الرسالة ومهمة الرسول، وإلا فلو احتج محتج بتأكيد القرآن على الجانب البشري في شخصية الرسل والأنبياء (دون الاختصاص) وقال: إن الرسل والأنبياء تدخلهم المطامع والنزوات! وتوظيف نصوص الوحي لمصالحهم! لما أبعد ولكان كلامه فهما لتلك النصوص. وبهذا الفهم العقيم ستسهم تلك النصوص في هدم الدين كله في حين أنها جاءت لمعالجة انحراف الغلو في أشخاص الأنبياء بما يخرجهم إلى مراتب الربوبية والألوهية أو صفاتها وخصائصها.
وعندما قال الله عن رسوله صلى الله عليه وسلم ((وما ينطق عن الهوى)) إنما هو لتأكيد الاختصاص الدقيق الذي يصون جانب البلاغ والحديث الصادر عن النبي -عموما. فهو وإن كان بشرا إلا أنه منزه عن الهوى، لأن مجرد وجود الهوى في النفس تعني القابلية لتطويع النص له.
إذن قوله تعالى ((قل إنما أنا بشر مثلكم)) ينبغي ألا تستل عن بقية النصوص وإلا فقدت المعنى الذي سيقت له، ولتحولت إلى معنى باطل لم يقصده المولى سبحانه.