آخر الأخبار

النصوص الجلية في حرمة النياحة على الحسين رضي الله عنه

بقلم | الشيخ محمد أحمد الوزير الوقشي

النهي عن النياحة ثابت من أكثر من عشرة أحاديث فقد بلغ حد التواتر عند جمهور اهل الحديث .
وحرمة النياحة مطلقا عليه المذاهب الأربعة والزيدية إلا خلافا شاذا للاثني عشرية ولا عبرة بخلافهم .
وبعض المتعصبين الحوثيين زعم أن النصوص عامة فلا يدخلها النياحة على الحسين رضي الله عنه .
وهذه معارضة واهية جدا ، ولو تغريرهم على بعض عوام الزيدية لما كان اعتراضا يستحق الرد ، ولكن دفاعا عن السنة وإقامة للحجة إليك أخي القارئ الكريم الجواب العلمي من عدة وجوه :
الوجه الأول : أن إجماع العلماء على صحة الاحتجاج بالعام على آحاد افراده ثابت بالدلالة القطعية او الظنية . وكلها حجة شرعية .
الوجه الثاني : أن ما ثبت حكمه بنص عام فإنه لا يخرج من دلالة العموم إلا بنص شرعي مخصص ، ولم يرد نص مخصص للحسين من النهي عن النياحة ، وعليه فمدعي التخصيص مطالب بالدليل الثابت ولا دليل ثابت في ذلك .
الوجه الثالث : قد ورد النهي من النبي صلى الله عليه واله وسلم عن البكاء على ابن عمه جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْهَلَ آلَ جَعْفَرٍ ثَلَاثًا أَنْ يَأْتِيَهُمْ، ثُمَّ أَتَاهُمْ فَقَالَ : ” لَا تَبْكُوا عَلَى أَخِي بَعْدَ الْيَوْمِ “.
اخرجه أحمد و أبو داود والنسائي بسند صحيح على شرط مسلم .
فهو نص خاص في أحد قرابته وأحد أهل بيته الكرام المبشرين بالجنة من صحابته الذين ماتوا في حياته فكذلك سائر اهل بيته بلا فرق .
وفي الحديث دلالة صريحة على النهي عن البكاء بعد ثلاثة أيام ، والنهي يقتضي التحريم .
فكيف بمن يبكي على ميت بعد أربعة عشر قرنا .
الوجه الرابع : أن النهي عن النياحة وارد على سبب وهو موت ابن رسول الله إبراهيم عليه السلام ، وهو أقرب شرعا من الحسين إجماعا فعن ﺟﺎﺑﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ , ﻗﺎﻝ: ﺧرﺝ رﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺇﻟﻰ اﻟﻨﺨﻞ ﻭﻣﻌﻪ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻋﻮﻑ , ﻓﺈﺫا اﺑﻨﻪ ﻳﺠﻮﺩ ﺑﻨﻔﺴﻪ , ﻗﺎﻝ: ﻓﻮﺿﻌﻪ رﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻲ ﺣﺠرﻩ ﻓﻔﺎﺿﺖ ﻋﻴﻨﺎﻩ , ﻗﺎﻝ: ﻓﻘﺎﻝ ﻋﺒﺪ اﻟرﺣﻤﻦ: ﺃﺗﺒﻜﻲ ﻳﺎ رﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﻭﺃﻧﺖ ﺗﻨﻬﻰ ﻋﻦ اﻟﺒﻜﺎء؟ ﻗﺎﻝ: ” ﺇﻧﻲ ﻟﻢ ﺃﻧﻪ ﻋﻦ اﻟﺒﻜﺎء , ﺇﻧﻤﺎ ﻧﻬﻴﺖ ﻋﻦ ﺻﻮﺗﻴﻦ ﺃﺣﻤﻘﻴﻦ ﻓﺎﺟرﻳﻦ: ﺻﻮﺕ ﻋﻨﺪ ﻟﻬﻮ ﻭﻟﻌﺐ ﻭﻣﺰاﻣﻴر ﺷﻴﻄﺎﻥ , ﻭﺻﻮﺕ ﻋﻨﺪ ﻣﺼﻴﺒﺔ , ﺧﻤﺶ ﻭﺟﻮﻩ , ﻭﺷﻖ ﺟﻴﻮﺏ , ﻭرﻧﺔ ﺷﻴﻄﺎﻥ “
اخرجه الترمذي والبزار والحاكم والبيهقي والضياء في المختارة وصححه الألباني .
وقد قرر علماء الأصول ان صورة السبب تدخل في النص العام دخولا قطعيا فهي في قوة النص الخاص .
فالحديث نص في حرمة النياحة على إبراهيم بن رسول الله ، وعليه فحرمة النياحة على الحسين ثابتة بالنص الأولوي لكون إبراهيم أقرب إلى رسول الله من الحسين شرعا وعقلا .
وفي الأحاديث دلالة صريحة على حرمة النياحة مطلقا ، وأنه يجوز البكاء على الميت بعد موته إلى ثلاثة أيام .
ودلت الأحاديث على حرمة البكاء بعد ثلاثة أيام من الموت .
وفي حديث جابر نص صريح في حرمة الغناء الماجن .
وعليه فمقتضى الإيمان والدين ، التوقف عند نصوص الشرع كتابا وسنة ،ولكن الجهل آفة ، وهو صورة من التعصب المذموم المنهي عنه والتعصب الأعمى مشكلة يدفع إليه الهوى وقلة الدين ، وفيما ذكرناه كفاية لمن كان له من الله هداية وحسبنا الله ونعم الوكيل .

مشاركة المقال