آخر الأخبار

لهذه الأسباب يتآمرون على اليمن – تفاصيل صادمة

كتب | محمد مصطفى العمراني

الملتقى اليمني

من المفاهيم المغلوطة في القضية اليمنية أن البعض من اليمنيين أو من المتابعين للأحداث في اليمن يظن أن هذا التدمير الممنهج في اليمن والتآمر على جيشه ومؤسساته هو نتاج سياسة السعودية والإمارات الخاطئة الفاشلة في اليمن وهذا غير صحيح أو بالأحرى غير دقيق .!

لماذا ؟

لأن هؤلاء لا يمتلكون قراراهم ، هؤلاء فقط ينفذون سياسة الدول الكبرى في المنطقة ، ولا يعني هذا أن المصالح لا تتوحد ، أو أن الهدف في اليمن ليس مشتركا للجميع ، لكن من الذي خطط ونسق ووجه وما يزال في موقع إدارة الحرب على اليمن إلى اليوم ؟!
أليست هذه الدول الكبرى هي من يدير الحرب على اليمن إلى اليوم حتى غرفة عمليات التحالف العسكرية في الرياض ما يزال يديرها ضباط أمريكان وبريطانيين .

لكن هذه الدول لا تريد أن تتصدر المعركة ، وتريد أن تظهر بمظهر الوسيط الدولي الذي يعمل على إحلال السلام وإيقاف الحرب في اليمن ، بينما في الحقيقة هي من اشعل الحرب ، وهي كانت قادرة منذ سنوات على إيقاف الحرب وإنهاء الصراع ولكنها لم تفعل ؟! لأن مصالحها لم تتحقق بعد .

هذه الدول الكبرى تريد تغييب البعد الدولي في الحرب على اليمن ، وإظهار الصراع بصفته صراع محلي وقد نجحت في هذا الأمر إلى حد بعيد ، فهي تريد إعفاء نفسها أمام شعوبها من مسؤولية هذه الحرب بينما في الواقع تظل تجني ثمارها فحسب ، وهي كثيرة لا تبدأ بصفقات السلاح الكبيرة والمتنوعة ولا تنتهي عند تدمير بلد يمثل مصدر قلق لها ولحلفائها في المنطقة.
لقد عملت هذه الدول على إظهار الصراح في اليمن بصفته صراعا محليا فحسب بينما في الحقيقة كل الأطراف اليمنية تعمل بالوكالة لصالح الأدوات الإقليمية لهذه الدول التي بيدها مفتاح الحل وبيدها الحرب والسلام .!

هل تتذكرون ؟!

كيف تم الإعلان عما يسمى بـ عاصفة الحزم من واشنطن بمؤتمر صحفي لعادل الجبير في 26 مارس 2015م ؟

لماذا من واشنطن ؟!

ومن قبلها هل تتذكرون كيف سحبت هذه الدول سفاراتها من صنعاء رغم عدم وجود أي مؤشرات للحرب يومها حيث سحبت الولايات المتحدة طاقم سفارتها في صنعاء رغم أن السلطة فيها كانت تحميه بشكل مبالغ فيه ، لكنها انسحبت بطريق مرتبكة وسريعة رغم الأمان التي كانت تتمتع به ، وكذلك فعلت السفارات الغربية التي وصلتها أوامر الانسحاب من اليمن لأن دولها تحضر للحرب فيه ؟!

الأمور ليست عفوية وتلقائية أبدا ، فهذه الحرب التي طحنت الشجر والحجر والبشر في اليمن هي حرب أمريكية بريطانية غربية صهيونية ، وإن تمت بأيدي السعودية والإمارات وأدواتهم في الداخل اليمني .

لقد توصلت الدول الكبرى لقرار الحرب في اليمن بعد دراسات ومداولات ومشاورات وتقارير مكثفة حتى أن ما سمي بـ ” تحالف دعم الشرعية وإنهاء الانقلاب ” تم إطلاقه بقرار أمريكي بريطاني وهذه الدول ما هي إلا أدوات .

هذه الدول الكبرى درست المنطقة جيدا ، وهي تدرك الأهمية التي يمثلها اليمن بموقعه الاستراتيجي في أهم مضيق من مضايق العالم ، وفي منطقة هامة تمثل المصدر الأكبر للطاقة في العالم .

وتدرك ما يمثله اليمن برجاله الأشداء السباقون لدوما إلى نصرة القضايا الإسلامية ، والذين لم يتلوثوا بالأفكار الهدامة ، ولم تنجح في أوساطهم مشاريع التغريب ، حيث ما يزالون يمثلون العمق الأكبر للعرب وللمسلمين في كل العصور .

الغرب أدرك حقيقة أن اليمن يمثل العمق التاريخي الأهم للعرب وللمسلمين ، ويعلم قادته كيف كان أبناء اليمن هم من أعاد للإسلام ألقه حين أرتد بعض الأعراب بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ، ويعلم أيضا أن أبناء اليمن هم من نشروا الإسلام في جنوب شرق آسيا ، وفي سواحل أفريقيا ، وهم من مثلوا طلائع الفتوحات الإسلامية ، وفتحوا الشرق والغرب ، ووصلوا إلى الأندلس وإلى جنوب فرنسا ، وكانوا دوما هم سفراء الخير ومن ناصروا كل قضية إسلامية في مشارق الأرض ومغاربها ..

يدركون أن أبناء اليمن كانوا هم أهل المدد لأبناء فلسطين أهل الرباط ، وأنهم كانوا حتى الأمس القريب رغم فقرهم أو بالأصح رغم إفقارهم هم من يمدون أبناء فلسطين بملايين الدولارات ويقفون معها في كل موقف ، وهم من يتدفقون كالسيول الجارفة عند أي انتهاك صهيوني للمقدسات الإسلامية في فلسطين ، وأنهم من كانوا يستقبلون قادة المقاومة من فتح إلى حماس استقبال الأبطال الفاتحين .

لقد أدركت هذه الدول ( أمريكا ـ بريطانيا ) ودول المركز الكبرى أن اليمن فيها عوامل النهوض والتنمية وأنه إذا وجدت في اليمن دولة عادلة فاعلة قوية فسيصبح قوة كبرى في المنطقة ، قوة تنصر الأمة وقضاياها العادلة ، وتقطع على هذه الدول الكبرى مصالحها ، وتفشل خططها ، وتخلط أوراقها ، ولذا تآمروا عليها وسلطوا عليها كلابهم وأدواتهم ومرتزقتهم ليمارسوا فيها كل هذا التدمير الممنهج منذ سنوات طويلة إلى الأحداث التي نراها اليوم وبمشاريع صغيرة وتحت لافتات شتى وعناوين كثيرة وذرائع واهية وأكاذيب لا تنطلي على صبي مميز .

أيضا من ضمن أهداف الدول الكبرى التي رأت أنها لن تتحقق الا بإشعال الحرب في اليمن أن الحرب ستقضي أساسا على من يسمونهم بالقوى التقليدية في اليمن ( القبيلة حاشد مثلا – الفرقة الأولى مدرع – جامعة الإيمان- حزب الإصلاح) وهذه القوى بزعمهم تعيق وجود دستور علماني في اليمن ووجود أقليات دينية تتطلب حرية المعتقد ويمن متعدد الأديان ، كما تعمل على عرقلة عمل المنظمات النسوية والشبابية التي هي أذرع ناعمة للدول الغربية وسفاراتها تنفذ أهدافها وأجندتها وتكتب لها التقارير التجسسية وتستهدف الأسرة والشباب ومنظومة قيم وأخلاق المجتمع..

ولا يعني هذا كما قلنا أن السعودية والإمارات لا تريد تدمير اليمن أرضا وإنسانا والتغلغل فيها عبر المليشيا والهيمنة على مقدراتها وجزرها وموانئها ومطاراتها ومنشآتها وثرواتها ولكن السعودية والإمارات في النهاية لا تستطيع أن تقوم بهذا الدور التخريبي في اليمن إذا كانت الدول الكبرى لا تريدها أن تعلب هذا الدور ، أو إذا كان هذا الدور التخريبي يتعارض مع مصالح الدول الكبرى في المنطقة ، ولا يعني هذا أن هذه الدول المنفذة بريئة ومعافاة من المسؤولية تجاه ما ارتكبته في اليمن من تدمير وملشنته وتمزيقه ولكننا يجب أن ندرك أبعاد المؤامرة التي تعرضت لها اليمن وندرك أهمية بلادنا ومدى المكر والتخطيط والتآمر الغربي ضدها لنكون بهذا الوعي والإدراك قد خطونا أول خطوة صحيحة نحو استعادة وطننا عما قريب بإذن الله فأول خطوات علاج المريض هو تشخيص مرضه بدقة حتى تعطيه العلاج المناسب والدواء النافع .

صحيح نحن اليوم مفرقون ممزقون بين سلطة مرتزقة ، ونخبة مستأجرة ، أو صامتة ، وأحزاب متخاذلة لا تمتلك قيادة شجاعة ، ولا موقف وطني ، ولا قرار موفق ، ولا رؤية صحيحة ، ولكن هذا الحال لن يدوم ” وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم ” سنة الله في الاستبدال باقية ولن تزول ، وسيأتي الله بيمنيين يحبون بلدهم ويضحون لأجله ويكنسون هذه المليشيا المرتزقة والأدوات الرخيصة وينقذون وطنهم .

إياكم واليأس والقنوط من رحمة الله الذي سيلطف بهذا البلد وسينجيه من هذا التآمر الذي يتواصل على أرضه مهما تواصلت سنوات الابتلاء والتمحيص ، وكشف المرتزقة ، وتمييز الصفوف ، واختبار الرجال ، وكم سقط من رجال كنا نراهم كالجبال ولكنهم سقطوا وصاروا يرددون ما يملى عليهم ويكتبون ويصرحون بما يطلب منهم بعد سنوات وربما عقود من التغني بشعارات الوطنية وحب اليمن وووو ألخ .

أما ما يحدث في شبوة منذ أيام فهو تصفية لمعسكرات الجيش الحكومي على أيدي طيران الإمارات بعد أن هزمت مليشياتها على أرض شبوة التي قدمت إليها من خارج المحافظة لتقصي القوات الحكومية وتحل محلها فهزمت وحينها قامت الطائرات الإماراتية بشن مئات الغارات على معسكرات الجيش الذي رفض الخضوع لمليشيات الإمارات فقامت بقصفه وقتلت وجرحت المئات من ضباطه وجنوده وسط صمت مطبق من القوى اليمنية التي صارت مجرد أدوات للسعودية والإمارات ولا تجرؤ على الكلام .!
ما حدث في شبوة هي حلقة جديدة من حلقات الغدر السعودي الإماراتي وتمكين المليشيا على حساب الدولة اليمنية ، هي حلقة من مسلسل التآمر الغربي الإقليمي الطويل ، والذي يبدو أنه قارب على النهاية ، وحينها ستظن الدول الكبرى وأدواتها في المنطقة ممثلة بالسعودية والإمارات أن الأمر قد أنتهى ، وأنها قد سلمت اليمن للمليشيا التابعة لها والتي ستحقق مصالح الدول الكبرى وتكرس نفوذها وهيمنتها فيه إلى الأبد .!

ولكنهم واهمون ونقول لهم : حتى لو سلمتم كل شبر من اليمن للمليشيا فلن يستتب لكم ولا لأدواتكم الرخيصة الأمر ، ولن يكون هذا التآمر والغدر نهاية المطاف ، سينهض من أرض اليمن رجال يعيدون تصحيح كل ما حدث ، رجال يحبون وطنهم ويعالجون كافة جروحه ويخرجونه إلى بر الأمان أما المكر السيء فلن يحيق إلا بأهله ومن تآمر علينا اليوم سيدفع الفاتورة غدا فالأيام دول والدنيا تدور ويوم لك ويوم عليك والبادي أظلم وعلى الباغي ستدور الدوائر .

مشاركة المقال