قبل ثلاث سنوات، وبالتحديد في 21 من شهر أغسطس من العام 2019 اندلعت اشتباكات مسلحة في محافظة شبوة بين القوات التابعة للإمارات والقوات التابعة للحكومة الشرعية، خرجت الحكومة الشرعية على إثرها ببيان اتهمت فيه القوات الإماراتية المرابطة في مدينة بلحاف بتفجير الوضع في المحافظة، كانت الحكومة حينها تحت إمرة الرئيس هادي، الرئيس الذي قيل عنه أنه الرجل الأضعف، لكنه اتهم الإمارات؛ على الأقل في تلك الواقعة.
وعلى الرغم من سطوة ونفوذ القوات الإماراتية حينها إلا أنها لم تستطع تحقيق أي تقدم يذكر في المحافظة، لأنها اصطدمت بشخص المحافظ “محمد بن عديو” الذي ضرب المثل الأعلى في الوطنية، في زمن تحول الجميع فيه إلى مرتزقة وبائعيين للأوطان، وهو ما لم يرض المحتل الجديد، فتحول المحتل الجديد من المعركة العسكرية إلى معركة إزاحة الوطنين والقضاء عليهم، واستبدالهم بمرتزقة ينفذون أوامر المحتلين، وهو ما كان.
وهاهي اليوم تتجدد المعركة في نفس الموعد، وفي ذات الشهر، وبعد مرور ثلاث سنوات، غير أن تجددها اليوم جاء في غياب “هادي” “الضعيف”، ووجود “العليمي” “القوي”، وفي غياب “بن عديو” “الأخونجي” ووجود “الوزير” “المخلص”. فما الذي حدث؟
عملت الإمارات ومعها السعودية على شيطنة “بن عديو” فقط لأنه أراد أن تكون شبوة يمنية، ونجحت في إزاحته، وسلمت شبوة لأيديها الأمينة، كما سلمت الشرعية لأيد أمينة أيضا، هذه الأيدي أرادت من خلالها أن تنفذ مخططاتها بأقل الخسائر في صفوف قواتها ومرتزقتها، لكنه لا ضير أن تكون الخسائر جسيمة في اليمن واليمنيين.
وقد كان لها ذلك، فما المعارك التي شهدتها شبوة، والتي ستشهدها حضرموت وأبين غدا، إلا نتاج تلك الأيدي الملطخة بدماء اليمنيين.
طبعا المشكلة ليست في اندلاع المواجهات بين قوات الشرعية وقوات الإمارات، كما أن المشكلة أيضا ليست في المخطط السعودي الإماراتي للسيطرة على أرض الجنوب، فكل ذلك معلوم للجميع، وهو مخطط يسير على تنفيذه أصحابه بخطا واثقة. المشكلة في أولئك العملاء الذين لازالوا مصرين على أن أعمالهم إنما هي لصالح الشرعية واليمن، مع أنها جرائم بحق اليمن واليمنيون.
فالعليمي مثلا؛ وهو يصدر قرارته بتعيين الانتقاليين خاصة في كل المناصب إنما يؤسس لتسليم الجنوب للانتقاليين، وفق مخطط إماراتي سعودي، بالكيفية التي سلمت بها الشمال للحوثيين، ومع ذلك تجده يتحدث عن اليمن والشرعية والوحدة.
والمحافظ “الوزير”، وهو يشارك بنفسه في معركة القضاء على الجيش اليمني في شبوة ويسلم محافظته للانتقالي، إنما يتحدث باسم اليمن والوحدة، وأن صنيعه ذاك إنما هو القضاء على الأخوان.
وكلاهما؛ العليمي والعولقي إنما ينفذان توجيهات المجند الإماراتي، ولا يمتان إلى اليمن واليمنيين بصلة، والدليل أن حثالة القوم يدوسون على الهلم اليمني دون ردة فعل ممن يدعون أنهم حماة له.
وحتى نكون منصفين، فالعليمي والوزير ليسوا وحدهما من ينفذ المخطط الإماراتي، ومن باع وقبض الثمن، فجميع السياسيين اليمنيين ينفذون ذلك المخطط، سواء كانوا إسلاميين كالإصلاحيين والسلفيين، أو كانوا تقدميين كالمؤتمريين والناصريين، أو كانوا عسكريين في وزارتي الدفاع والداخلية ورئاسة هيئة الأركان، وفي المعسكرات التي تدعي حماية اليمن والوحدة.
بل حتى البرلمانيون الذين اختارهم الشعب يوما ما، كلهم ينفذون المخطط الإماراتي السعودي على قدم وساق، وكلهم قبضوا ثمن بيع اليمن وتمزيقه وتقسيمه واحتلاله، فقد استطاعت السعودية والإمارات شراء ذمم الجميع بثمن بخس، وأصبح المال بالنسبة لهؤلاء هو الدين وهو العوض وهو الوطن.
ولذلك لا ضير أن تسقط شبوة، ولا ضير أن تسقط معها حضرموت والمهرة وأبين، ولا ضير أيضا أن تسقط مأرب للحوثيين، ولا ضير حتى أن يتولى على اليمن “مثلي” إماراتي، أو “شاذ” سعودي، طالما وهم من يدفعون المال للسياسيين والعسكرين، فإنك ستجدهم حينها يسارعون في تأليههم وتمجيدهم، وحث أتباعهم على التشبه بهم، والاقتداء بهم ففي ذلك البركة والنجاة من النار!
- اليمن نت