آخر الأخبار

على وقع أحداث شبوة .. لماذا انكسر الجيش وانتصر المرتزقة ؟ قراءة في عوامل النصر وأسباب الهزيمة ..

كتب | محمد مصطفى العمراني

الملتقى اليمني

عندما تدرك أن خصمك يقترب منك وقد قرر أن يشتبك معك فيجب أن تكون مستعدا له ، لا أن تقول لما جئت أشتبك معه أخرج من جيوبه سلسلة حديدة وشدخني بها ، سأقول لك : كان يجب أن تستعد له بسلسلة أكبر ، أو تقول جاء ومعه جهاز صاعق أخرجه من جيبه وصعقني به .!

سأقول لك أيضا : لا مبرر لك كان يجب أن تشتري مثل هذا الجهاز وتواجهه به فأدوات الاشتباك قد تطورت اليوم ولم تعد المعارك كما كانت أيام زمان فيها أخلاقيات وبساطة ، اشتباك بالأيادي ، وجرح بالأظافر ، وعض بالأيادي ، لا اليوم الخسة والنذالة والأجهزة هي من تغير المعادلة .!

كان هذا مبتدأ لازم وإليكم الخبر :

في أحداث شبوة الأخيرة أنهزم الجيش الحكومي أمام طيران الإمارات المسير ، تلك الخلاصة هزم مليشيا الإمارات وفروا من أمامه ، هذا صحيح ولكن العبرة في النتائج وفي الخاتمة .

وقد كان لي ملاحظات رأيت أن يتم تأخيرها حتى تهدأ الأمور نوعا ويلتقط الأبطال أنفاسهم ، ويصبح لديهم قابلية لإعادة النظر فيما حدث ، وتقييمه بشكل موضوعي وصادق بعيدا عن العواطف ومحاباة النفس .

لا شك بأننا نقدر الأبطال الذين واجهوا هذه المليشيا الرخيصة ومن وراءها الإمارات ، ونشيد بالرجال ، وبمواقفهم ، ونثمن جهودهم ، ونقف معهم ، وهذه مسلمات بديهية لا نقاش حولها وقد أحببت أعيد كتابتها والتأكيد عليها هنا حتى لا أترك لهواة المزايدة ، ومطابخ الخصوم الفجرة ثغرة ينفذون منها في محاولة للتشويش على هذه الرسالة .

تعرض الجيش الوطني في شبوة لهزيمة بفعل الطيران الإماراتي المسير لكنني شخصيا لم أستوعب هذه الهزيمة ولم أتقبلها ، سيقول البعض : وماذا يفعلون أمام الطيران المسير ؟!

وكيف يواجهون قرارات الخيانة التي صدرت من مجلس الدمى بعدن ؟!

وهي تساؤلات حقيقية وصادقة ، ولكن كان يجب على هذا الجيش طالما قرر المواجهة أن يستعد ، ليس منذ أشهر ، ولكن منذ سنوات ، كان يجب على هؤلاء القادة أن يستعدوا منذ قصفت الإمارات أبطال الجيش الوطني في منطقة العلم بمدخل عدن في أواخر أغسطس 2019م ، يستعدوا ليواجهوا ذات يوم طيران الإمارات بطيران ، بل كان ينبغي عليهم أن يصنعوا ويستوردوا طيران مسير ويهاجموا مليشيا الإمارات بدلا من البقاء في ثكناتهم ، كان يجب عليهم أن يتغدوا بهم قبل أن ينتظروا منهم أن يتعشوا بهم ، وأن يدركوا أن الهجوم خير وسيلة للدفاع .

لماذا لم يفكر قادة الجيش الوطني بشراء طائرات مسيرة ، أو بصناعة طيران عسكري لمواجهة مثل هذه الاحتمالات ؟!

من المؤكد بأن قيادة الجيش العليا هي الأخرى لا تمتلك قراراها ، حفنة من القيادات يسيرهم أصغر مجند إماراتي ، ويديرهم السفير السعودي سيء الصيت والسمعة ، وهؤلاء كان من الحماقة أن تنتظر منهم أن يصنعوا طيران ، أو يشتروا ، أو ويواجهون به طيران الإمارات أو السعودية ، أو أي جهة معادية فهؤلاء كما قلنا لا يمتلكون قراراهم ، رضوا بأن يكونوا ممثلين كومبارس يحركهم السفير السعودي والمجند الإماراتي لتحقيق أهداف الإمارات والسعودية التخريبية في اليمن ، ولذا كان يجب عدم التعويل عليهم لأنهم لم يوضعوا في مناصبهم إلا من أجل أداء هذه المهمة التخريبية .

كان يجب على قادة الجيش الأحرار في شبوة أن يدركوا أن الإمارات ستقصفهم ذات يوم لكي تنفذ مخططاتها ، ولكي تمكن لمرتزقتها وميلشياتها ، وبناء عليه كان يجب عليهم أن يشتروا المئات من الطائرات المسيرة التي تواجه هذه الطائرات المسيرة ، وأن يشتروا مضاد فاعل يواجه الطيران ، وأن يستعدوا لمواجهة أشباه الرجال وطائراتهم وحقاراتهم التي لا تنتهي .

أنت ستدخل معركة يجب عليك منذ البداية أن تدرس كافة الاحتمالات وتستعد لكافة التطورات ، خاصة وأنك تواجه عدو غاشم وغادر وخصم فاجر حقير لا أخلاق له ولا يمتلك ذرة من الرجولة والشهامة .

لماذا نجحت جماعة الحوثي في تصنيع المئات من الطائرات المسيرة رغم أن العالم لا يعترف بها بشكل رسمي ، فيما الجيش الوطني فشل في استيراد أو صناعة طائرة مسيرة واحدة ؟!

سيقول البعض : الحوثيون لم يصنعوا هذه الطائرات بل جاءت جاهزة وهم استخدموها وعرضوها كصناعة وطنية ، حسنا دعونا نمضي معكم في هذه الفرضية والسؤال :

ـ لماذا لم تشتروا مثلهم ؟!

الحوثيون بالطيران المسير حققوا أهداف مهمة للغاية، بل صاروا يهددون الصناعات النفطية السعودية والإماراتية وهي مصدر مهم جدا للطاقة في العالم ، وبهذا غيروا الموازين لصالحهم فصار السعوديون يفرشون لهم خدودهم يدوسون عليهم ويفاوضونهم سرا وعلانية ويقدمون لهم الاغراءات والعروض والمبادرات وهم يرفضون .

ولو رأيتم كيف يستقبلونهم ويتذللون لهم ويتوددون إليهم لهالكم الأمر واستهوتكم أحزان ، لماذا ؟!

كل هذه بفضل الطيران المسير ” إلا أن القوة الرمي ” .

الطيران المسير هو من حسم الحرب في إقليم ” قرة باغ ” وأعاد الأرض الأذربيجانية التي أحتلتها أرمينيا لأصحابها في خلال شهر نصف ، وهو من حسم معارك كثيرة في الشرق الأوسط ، في سوريا وفي ليبيا وفي غيرها ، ولو قرأتم ما كتبه المحلل السياسي الاستراتيجي الأمريكي فرانسيس فوكوياما عن الطائرات المسيرة التركية في أواخر نوفمبر تشرين 2021م ، وكيف حسمت عدة حروب في الشرق الأوسط ، لأدركتم أن هذا هو عصر الطيران ، وأن أي جيش يتخلى عن سلاح الطيران هو عرضة للقصف من قبل أعدائه اليوم أو غدا .

بل إن قادة جيوش في أوربا عقدوا بعد تلك المقالة اجتماعات طارئة لمناقشة التعامل مع الطيران المسير التركي وبعضهم قرروا شراء تلك الطائرات من تركيا ، هذا وهم في أمان وفي أوقات سلم ، فكيف بمن يخوض الحرب ولا يفكر بهذا الأمر .!!

لو واجه الجيش الوطني في شبوة طيران أشباه الرجال بطيران ، مسيرهم بمسيرات وأباتشيهم بطيران أباتشي وأبطل مفعول طيرانهم وقصف ميليشياتهم وهم ما يزالون بعيدا عن شبوة ، أقول : لو فعل هذا لانتهى الأمر ، ولتغيرت المعادلة ، وترجحت موازين القوى لصالحه ولصالح مشروع الدولة اليمنية ، نعم سينتهي الأمر وسيأتون إليه يتوسطون إليه بأن يتوقف عن قصفهم في أسوأ الأحوال .

ستقولون : سيقصفونهم من البحر أو من بعيد ، ليقصفوا ، ألم يقصفوا على الحوثيين سنوات طويلة فماذا فعلوا بهم ؟!!

بل ماذا فعلت أمريكا بطالبان وهي تقصفهم من عقود ؟!

ألا تفكرون فيما يحدث حولكم ؟!

ليقصف ، سأكون مستعدا لقصفه وسأقصفه أيضا ، أليست حرب أم ان العدو المحتل الغازي هو من يحق له أن يقصف ، ومن يدافع عن وطنه لا يحق له المعاملة بالمثل ؟!

ما الذي ينقص الجيش الوطني لكي يشتري الطائرات المسيرة ويؤهل طائرات التي قصها أعداء اليمن ، وبأي ثمن وبأي شكل ؟! وهناك شركات ستأتي بهذه الطائرات إليك وستتكفل بنقلها إليك إلى حيثما تكون ولها طرقها ؟!

ما الذي يمنع ؟!

الجيش الذي لا يستعد بكافة الوسائل ولكافة الاحتمالات ليس جيش دولة محترف ، ويستحق الهزيمة ، وعلى قادته أن يصمتوا وأن يقدموا أنفسهم إلى محاكمة عسكرية عادلة ولو لم يبق من الوطن إلا مدينة واحدة تحت مشروع الدولة أو حتى عدة كيلومترات.

يا هؤلاء : الطائرات المسيرة أمرها سهل ، الأهم أن تمتلكوا الإرادة ، إرادة مواجهة الغزاة والمحتلين ومليشاتهم الرخيصة ، وأن تستعدوا جيدا على الأرض وفي الجو والبر والبحر فأنتم تخوضون معركة وطن كبير وتواجهون أنذل خصوم وأخس المرتزقة وأرخصهم على وجه الأرض .

سيقول البعض لكن شراء الطيران وصناعته يحتاج دولة وغطاء شرعي من الدولة ؟!

تساؤل ممتاز والجواب :

ـ ماذا كنتم تفعلون أو بالأدق : ما هو وضعكم إن كنتم ترون أنفسكم جيش الدولة الشرعي فيحق لكم أن تفعلوا كل شيء ، وأن تتسلحوا بكل شيء ، وإن لم توجد إرادة لدى السلطة العليا لأنها سلطة خائنة سقطت شرعيتها وانتهت ليس من يوم مكنت مليشيا مناطقية رخيصة من دوس علم اليمن ، ولكنها سقطت من أول يوم ، منذ سنوات طويلة ، من يوم رضت بأن تسير خلف أعداء اليمن وتمكن للمليشيا ، وتقضي على كل وطني حر شريف ، وتتآمر على الرجال الأحرار وعلى الجيش ، وكان يجب على القيادات الوطنية في الجيش أن تتحرك وتفرض أمر واقع ، وأن تثور على هذه السلطة الخائنة العميلة وسيقف الشعب كله معهم.

كانوا قادرون على تغيير موازين القوى لصالح الوطن بدلا أن يأتي مجند إماراتي حقير أحقر من نعل ليأمر وينهي ويتآمر على أبناء الوطن وهم صامتون .!

لماذا رضوا بكل تلك الكوارث والنكبات وقرارات الخيانة ؟!

لماذا سكتوا ورضوا بتجويع الجيش ومحاربته ؟!

لماذا لم يتحركوا بضمير وطني صادق لقلب الطاولة على هؤلاء الحقراء العملاء وعلى قراراتهم التي دمرت الوطن ؟!

ستقولون :

وهل سيتفرج عليهم العالم ؟ وهل سيصمت عليهم التخالف ؟

سؤال وجيه :

الجواب : سيعتبرهم التخالف متمردون خونة لانهم تمردوا على مخططاته التخريبية وسيقصفهم ، لا شك في هذا ولكنهم يجب أن يكونوا قد استعدوا لكل شيء وحركوا الشعب من خلفهم وحينها سيرضخ لهم التخالف وغيره .

كان يجب عليهم أن يواجهوا المؤامرات وسيعترف بهم العالم فالعالم مع كل قوي يفرض وجوده على الأرض ، والقوة وحدها هي من تحركه وتغير قراراته وتوجه سياساته .

الآن أجيبوني : كيف يريد الصادقون والأحرار من اليمنيين تحرير وطنهم من أهمج وأحقر احتلال اماراتي سعودي ؟!

الجواب : لابد من مواجهة ، ومن تضحيات ، ومن استعدادات ، ومعارك وجبال من الجثث وأنهار من الدماء فهؤلاء كما قلنا وجدوا وطنا ممزقا فنصبوا له قيادة من مرتزقتهم ثم تقاسموه غنيمة ، وصرفوا على مرتزقتهم مليارات ، ولذا لن يرحلوا بسهولة ولا بمفاوضات ، هؤلاء سيرحلون بمعارك وبمواجهات ، المعركة طويلة أطول مما تتخيلون ، وأكبر مما تقدرون ولكننا نسألكم :

ـ لماذا لم تستعدوا لكافة الاحتمالات فطالما أنك قد قررت المواجهة ، والمضرابة لماذا لم تستعد بالصميل والصاعق وبكل شيء ؟!

الآن : لماذا لا يتحرك الرجال الصادقون في الجيش الوطني ويقلبوا الطاولة على حفنة العملاء وأشباه الرجال الذين نصبتهم السعودية والإمارات لتحقيق أهدافهم التخريبية في اليمن ؟!

هؤلاء الدمى فيما يسمى بالمجلس الرئاسي لا شرعية لهم ، وقد ارتكبوا الخيانة العظمى ألف مرة ، وهم بموجب الدستور اليمني النافذ خونة ويجب محاكمتهم فحققوا فيهم عدالة السماء وطبقوا فيهم نصوص الدستور اليمني قبل أن تروا علم اليمن يداس في كل منطقة ، وقبل أن يجهزوا على ما بقي من مؤسسات دولة ورجال شرفاء في اليمن ؟

أنقذوا ما يمكن انقاذه ..

كتيبة وطنية واحدة قادرة إذا وجدت قائد شجاع على انهاء كل هذا العبث ووضع حدا لهذا التدمير الممنهج لما بقي من رجال أحرارا ومؤسسات في اليمن .

ماذا تنتظرون ؟!

هل بقي لديكم شك في أن مجلس المخبر العليمي يريد تدمير ما بقي من اليمن أرضاً وإنساناً وتحقيق أهداف أسياده في السعودية والإمارات ؟!

إذا بقي لديكم شك فهذا يعني أنكم لا تبصرون وقد طمس الله على أعينكم وعلى قلوبكم ” إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ” .

أما إذا كنتم تخافون على مصالحكم مع هؤلاء فأنتم مرتزقة ـ وإن بصورة أخرى وبشكل مغاير للمرتزقة المسلحين ـ فليس كل مرتزق هو من يحمل السلاح فحسب ، وإنما كل مرتزق هو من يخدم عدو وطنه ويدمر بلده لصالح عدوه ولو بتغريدة .

أما إذا كنتم تخافون على أرواحكم فأنتم أجبن من أن تنقذوا وطنكم ، ولم تدركوا بعد أن الجندية تضحية وفداء ، تضحية بالجهود والنفوس والأرواح وفداء للوطن .

فهل ستتحركون لإنقاذ وطنكم من حفنة العملاء وتدخلون التاريخ من أوسع أبوابه ، ولو حتى بشرف المحاولة ، مع أنها مهمة ليست مستحيلة ، وستنجح إذا خططتم لها جيدا وتحركتم بقوة وسرعة والله الذي يعلم نواياكم لن يخذلكم ، ثم هذا الشعب الصابر لن يخذلكم أيضا فهل ستتحركون لإنقاذ وطنكم ؟!!

انها رسالة من الملايين الذين يرون وطنهم يدمر ولا يستطيعون إلا الألم ، فهل ستصل الرسالة إلى من يقرأها ويطبقها ؟!

نتمنى ذلك . رفعت الأقلام وجفت الصحف .

مشاركة المقال