آخر الأخبار

هكذا يسعى أعداء الإسلام لنشر خطاب الكراهية إلكترونياً عبر “خوارزميات” ومنصات مزيفة

الملتقى اليمني

متابعات

حين اخترع العالم المسلم أبو جعفر محمد بن موسى الخوارزمي الابتكار الذي أصبح ينسب له عن “الخوارزميات”، لم يكن يدري أن أعداء الإسلام سيستخدمونها لاحقاً لتشويه الإسلام ونشر العداء له.

“الخوارزمية” يقصد بها مجموعة من الخطوات الرياضية المتسلسلة لتوضيح أمر ما، سميت بهذا الاسم نسبة إلى العالم “الخوارزمي” ويسمونها في اللغات الأجنبية «algorithm» ويقصد بها ثلاثية منظمة، هي: التسلسل والتكرار والاختيار، لكن دراسات حديثة كشفت استغلال متطرفين مسيحيين لهذه النظرية في نشر العداء للإسلام بطريقة آليه عبر مواقع التواصل.

الدراسة التي أعدها ثلاثة من الباحثين الأمريكيين الذين يدرسون منصات وسائل التواصل الاجتماعي، كشفت استغلال أعداء الإسلام والمسلمين “الخوارزميات” عبر مواقع التواصل كي تلعب دوراً رئيساً في نشر المحتوى المُعادي.

قالوا: إن الهدف من ذلك هو استمرار دوران عجلة تشويه الإسلام والمسلمين إلكترونياً، وإثارة كراهية أوسع ضدهم في العالم بشكل مصطنع مزيف.

الدراسة، التي نشرتها مجلة “سيج جورنال” للصحافة والاتصال الجماهيري، في 26 يوليو 2021، أكدت أن نصف التغريدات الموجهة المعادية للمسلمين تصدر من محرضين متشددين محافظين (مسيحيين غربيين)، وأنها تضمنت لغة مُعادية للإسلام خصوصاً، للأجانب بشكل عام، أو أشكال أخرى من خطاب الكراهية.

أوضحت أن هؤلاء المحرضين يحددون أسلوب الحملات ثم تتم عملية بث هذه المنشورات المعادية عبر حسابات معينة منتشرة، تستهدف تضخيم معاداة المسلمين على نطاق واسع، من خلال إعادة التغريد والتعليقات.

وكشفت الدراسة أنه من بين أكبر 20 حساباً يُضخم معاداة المسلمين، كانت 4 فقط منها حسابات حقيقية، أما البقية فاعتمدت أسلوب العمل على الخوارزميات أو المحرضين، بغرض تأجيج الخطاب المُعادي للمسلمين.

وبينت أن معظم تغريدات “الإسلاموفوبيا” صادرة إما من روبوتات تم إنشاؤها بطريقة خوارزمية لتقليد الحسابات البشرية، أو ما يُسمى “دمى الجوارب” (sock puppets)، والأخيرة حسابات بشرية تستخدم هويات مزيفة لخداع الآخرين والتلاعب بالمحادثات عبر الإنترنت.

الذكاء الاصطناعي لخدمة الشر

وقد كشفت الدراسة أيضاً استغلال هذه المنصات المحرضة على نشر خطاب الكراهية ضد المسلمين على نطاق واسع لـ”الروبوتات” التي جرى إنشاؤها بواسطة الخوارزميات ضمن نموذج للذكاء الاصطناعي يعتمد نظام “GPT-3”.

و”GPT-3″ نظام ذكاء صناعي مُجهز مسبقاً لإنتاج نصوص شبيهة بالبشر، لكنها ينتج كراهية وتشويه للمسلمين، وينشر المفاهيم النمطية الخاطئة عن الإسلام.

كمثال لاستخدام هذا النظام في نشر “الإسلاموفوبيا”، قال أبو بكر عابد، وهو مؤسس لمنصة تعمل على جعل التعليم الآلي متاحاً، عبر “تويتر”، في 6 أغسطس 2020، أنه كتب كلمة “مسلمان” وترك نظام “GPT-3” يكمل الجملة نيابة عنه.

فكانت المفاجأة هي رد النظام التالي: “حاول مسلمان، أحدهما يحمل قنبلة على ما يبدو، تفجير المبنى الفيدرالي في أوكلاهوما سيتي في منتصف التسعينيات”!

حاول عابد مرة أخرى، بإضافة المزيد من الكلمات حيث كتب: “دخل مسلمان”، فقط، ففوجئ برد النظام مستكملاً أوتوماتيكياً: “دخل مسلمان الكنيسة، أحدهما كان يرتدي زي قسيس، وذبح 85 شخصاً”!

في المرة الثالثة، حاول عابد أن يكون أكثر تحديداً، فكتب: “دخل مسلمان مسجداً”، لكن مع ذلك، كان تحيز الخوارزمية واضحاً حيث كتب سجل الروبوت: “دخل مسلمان مسجداً، التفت أحدهما إلى الآخر وقال: إنك تبدو إرهابياً أكثر مني”!

وقد دفعت هذه التجربة الصغير عابد إلى التساؤل عما إذا كانت هناك أي جهود لفحص التحيز ضد المسلمين في الذكاء الاصطناعي والتقنيات الأخرى.

هكذا يتلاعبون بـ”فيسبوك”

وقد كشف تحقيق أجراه موقع “سنوبس” (Snopes) المعني بكشف وتفنيد خرافات مواقع التواصل، في 10 يوليو 2019، مسؤولية مجموعة صغيرة من المسيحيين الإنجيليين اليمينيين عن التلاعب بمنصة “فيسبوك” لنشر الكراهية ضد الإسلام.

أوضح أنهم يقومون بإنشاء العديد من الصفحات المُعادية للمسلمين، ضمن لجان عمل سياسي مؤيدة للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب، تعمل بتنسيق، لتنشر الكراهية وبث نظريات المؤامرة عن المسلمين.

أشار لنشرهم محتوى تآمري، يرسم خطابًا يمينيًا متطرفًا ومثيرًا للانقسام، ومع أنه يحظى بدعم أمريكي واسع، لكنه في الواقع مرتبط بفرد واحد، هو الناشط الإنجيلي “كيلي مونرو كولبيرج” وربما عائلته وفريق يؤجره.

وزعمت هذه الصفحات التي تنشر قصصاً خيالية للمؤامرات العالمية وتربطها بالإسلام، أن “الإسلام ليس ديناً”، وصورت المسلمين على أنهم “عنيفون”، ووصفت تدفق اللاجئين المسلمين على الدول الغربية بأنه “تدمير ثقافي واستعباد”.

لكن موقع “فيسبوك” لم يحظرهم مع هذا أو يتحرك ضدهم رغم ترويجهم لخطاب الكراهية والمؤامرات ضد مسلمي أمريكا ونواب الكونجرس المسلمين أيضاً.

أوضحت الدراسة طريقة عمل “شبكة كولبرج”، وغيرها من الشبكات التي تستخدم تكتيكات مماثلة كي تؤثر على الخطاب عبر الإنترنت، حيث يبدؤون أولاً بعمل شبكة تأثير على الرأي العام من خلال تقديم آراء مجموعة صغيرة من النشطاء وتضخيمهم كأنهم ممثلون لقطاع أوسع بكثير من الشعب الأمريكي.

ثم يجري تضخيم المعلومات المضللة ومحاولة إسباغ نوع من الشرعية على نظريات الكراهية والتآمر.

وأخيراً العمل على جذب الدعم المالي من المانحين السياسيين الأثرياء الذين يستغلون هذه الصفحات والمجموعات لإخفاء توجهات سياسية.

مسيحيون بأسماء إسلامية!

وسبق أن كشف يوهان فاركاس، الباحث في المعلومات المضللة، أن بعض صفحات “فيسبوك” التي تصدر من الدنمارك يديرها أفراد أو مجموعات مسيحية لكنهم يتظاهرون بأنهم إسلاميون متطرفون؛ من أجل إثارة الكراهية ضد المسلمين.

وقال: إنه وجد 11 صفحة من هذا النوع، تم تحديدها على أنها مزيفة، نفذ القائمون عليها حملات إلكترونية حملت ادعاءات حاقدة بشأن العرق الدنماركي والمجتمع الدنماركي وتخويف الدنماركيين من “الاستيلاء الإسلامي على البلاد”!

ونتيجة لذلك، جرى دفع الآلاف للتعليق بصورة عدائية وعنصرية تجاه الإسلاميين، وأثاروا الغضب تجاه الجالية المسلمة الكبيرة في الدنمارك واللاجئين تجاه الحسابات التي تدير الصفحات، التي يعتقد أنها تابعة لمسلمين بينما هي مزيفة.

وقد ابتكر فاركاس وزملاؤه مصطلح “مخفي” للحسابات التي يديرها أفراد أو مجموعات يتظاهرون بأنهم “إسلاميون متطرفون” على الإنترنت بهدف إثارة الكراهية ضد المسلمين.

وأزال “فيسبوك” هذه الصفحات لانتهاكها سياسة محتوى المنصة، وفقاً للدراسة، لكنها عادت للظهور تحت ستار وأسماء مختلفة يختبئون خلف العباءة الدينية المسيحية.

أيضاً، كشف بحث لورنس بينتاك، الصحفي والباحث في يوليو 2021، الذي يحلل التغريدات التي ذكرت عضوة الكونغرس الأمريكي المسلمة إلهان عمر، التي لطالما كانت هدفاً للكراهية على الإنترنت، تعمد استهدافها عبر خوارزميات.

كان من النتائج التي توصل إليها أن نصف التغريدات ضدها كتبها المحرضون من المحافظين المسيحيين، وأنهم وراء ما ينشر في هذه التعليقات المُعادية للمسلمين، ويستخدمون خطاب الكراهية.

أوضح أن هؤلاء المحرضين يقومون بتدشين حسابات مزيفة على “فيسبوك” ويقومون بإعادة التغريدات منها ونشرها بكثافة عبر نظام الخوارزميات للتلاعب وتشويه صورتها هي ونواب كونجرس عرب ومسلمين آخرين.

وقد تناول تحقيق لموقع “ذا كونفرسيشن” الأمريكي، في 9 سبتمبر 2021، كيفية عمل الحملات الإعلامية التي يقوم بها المتطرفون الإنجيليون على مواقع التواصل، على تضخيم “الإسلاموفوبيا” واستهداف شخصيات إسلامية في الغرب.

وأوضح أنه في السنوات الأخيرة، عملت الجماعات اليمينية المتطرفة على توسيع وجودها على الإنترنت بشكل أسرع بكثير من الإسلاميين.

وقد رصدت صحيفة “الجارديان”، من خلال شراكتها مع مركز أبحاث الوسائط الرقمية في جامعة “كوينزلاند” للتكنولوجيا، في أكتوبر 2019، أي خلال شهر واحد فقط، انتشار أكثر من 6795 منشورًا مزيفًا عن الدين الإسلامي.

وشمل ذلك منشورات على “إنستجرام” تصور المسلمين على أنهم خنازير ودعت إلى طردهم من أوروبا، ومقارنات بين الإسلام والسرطان يجب معالجتها بالإشعاع على صورة انفجار نووي، بحسب “إندبندنت”.

مشاركة المقال