يختلف الزوجان، فتخرج المرأة إلى بيت أهلها، فتصبح المشكلة بين عائلتين، كلُّ طرفٍ يريد إخضاع الآخر، فيتسامع الناس بالخبر، وتكثر الآراء، وتتعدد الظنون، حتى يتعذر كل طرف أن يتراجع؛ لئلا تذهب هيبته وكرامته فيما يحسب، ثم يتزايد أتباع كل طرف، لتنتهي المشكلة بين قبيلتين، بعد أن كانت بين عائلتين، بعد أن كانت بين زوجين.
وفي كثيرٍ من الأحيان ينتهي الأمر بالطلاق؛ تربيةً من أهل الزوج لأهل الزوجة، والفتاة ترحب بالقرار بل وتطلبه؛ لأنها مشحونةٌ برأي أهلها الذين ينتصرون لها، ويريدون فرض الكرامة لها، ومنحها حقها، ومن ثم ترى الزوجة الرجوع لبيت الزوج ذلًّا لا تقبله، وهي في أثناء ذلك تشهِّر في زوجها وأهله وتذكر من المساوئ ما صحَّ وما لم يصح.
فإذا حصل الطلاق، وبدأت آثاره تتكشف، وأنه لم يكن على قاعدةٍ صحيحة، ولا حاجةٍ معتبرة، وترى الفتاة سوء المعاملة من أهلها، وأنها تحجر في بيتها، والألسنة تتناولها من كلِّ جانب، ونظرات الشفقة أو العتب تحيط بها.. تبدأ تعتبر أنَّ أهلها كانوا أعداءً في صورة أصدقاء، ثم يرى أهلها –إن كانوا يعقلون- أنهم كانوا أغبياء في صورة أذكياء، أو سفهاء في صورة حكماء.
فالضحية الزوجان، والأهل في الجانبين ليسوا هم الطرف الخاسر، لكنهم كانوا أصحاب القرار، يشعلون الحمية في صدور الزوجين ثم ينسحبون عند التبعات.
وبهذا يتفكك البيت، ويتفرق الزوجان، ويتفرق الأولاد، ويدوم الشر في المجتمع.
وفي قُبالة هذا المشهد المتكرر تدرك عظمة القرآن الكريم إذ يقرر في نصٍّ صريحٍ بيِّنٍ في صدر سورة الطلاق {لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يَخْرُجْن}.
لكن خالف الزوج الآية، وخالف أهله، وخالفت الزوجة، وخالف أهلها، فنزلت المأساة بالجميع.
هذا أول القصة، ولها تتمة، وفيها جوانب مهمة، سأنشرها مرفقًا ذلك بالحلول عن قريبٍ بإذن الله تعالى.